كان العود الهندي معروفًا عند العرب في الجاهلية وفي الإسلام، يقول امرؤ القيس:
وبانًا وألويًا من الهند ذاكيًا
ويقول حسان بن ثابت:
فإذا تشاء دعت بمقطرة
تذكى لها بألوة الهند
والألوّة من أسماء البخور وأنواعها.
وهذه الشهرة للعود الهندي جعلت المتقدمين يفضلونه ويقدمونه على غيره كما فعل محمد بن العباس بحسب ما ورد في كتاب (نهاية الأرب) يقول: والعود الهندي أرفع أجناس العود وأفضلها وأجودها، وأبقاها على النار، وأعبقها بالثياب.
ثم استطارت شهرة العود الهندي في العصر العباسي وذلك بفضْلٍ من البرامكة وخاصة الحسين بن برمك الذي رأى طيب العود الهندي فاستجاده، واشترى منه واستكثر، ثم لما أفضت الخلافة إلى المنصور دلّه البرامكة على العود الهندي فاستجاده المنصور وأمرهم بحمل ما عندهم.
وأمر أن يُكتب إلى الهند في حمل الكثير منه. ولم يمنعهم من ذلك ما يجدونه في ثقل رائحته أحيانًا بل رأوا أنه يقتل القمل وتكونها في الثياب، قال محمد بن العباس: فلما اختارت الخلفاء والملوك العود الهندي وآثرت البخور به، سقط قدر ما عداه من أصناف العود.
والعود الهندي يختلف باختلاف مناطقه، جاء في نهاية الأرب أن من أصنافه السمندوري ويجلب من سمندور وهي بلد سفالة الهند، فالسمندوري يتفاضل وأجوده الأزرق، الكثير الماء، الصلب الرزين، الذي يصبر على النار.
ومن أنواع العود الهندي العود القماري ويؤتى به من قمار وهي أرض سفالة الهند، وهو أيضًا يتفاضل وأجوده الأسود والأزرق الكثير الماء، الرزين الصلب، الذي لا بياض فيه، ويبقى على النار.
وكثرة الماء أي كثرة الزبد والدهن، وثقل العود وصلابته لا زالا من مميزات العود الفاخر، كما أن السواد صفة محببة ومرغوبة في العود الهندي إلى وقتنا هذا، ومن علامات جودته، مما حدا ببعض التجار إلى استعمال بعض الغش في صبغه وتلوينه حتى يكون مسودًّا.
يقول أحمد بن أبي يعقوب عن العود الهندي كما جاء في (نهاية الأرب): وله سن نضيج جيد، كثير الماء، ولا يجتمع في صنف من أصناف العود ما يجتمع في العود الهندي من الحلاوة والمرارة والخمرة والبقاء والصبر على النار.
وهذا التنوع في العود الهندي لا يزال موجودًا، فبعض أنواعه يغلب عليها الحلاوة وهي صفة مرغوبة عند كثير من الناس خاصة في وقتنا هذا، وبعض أنواعه يغلب عليه ثقل الرائحة وهي صفة محببة خاصة في الشتاء.